في السادس من نيسان من عام 2019، نشر جيش الاحتلال الإسرائيلي امرا عسكريا بشان الصلاحيات الخاصة بقوانين المياه (يهودا والسامرة) (رقم 92) 1967 تحت اسم “وضع خط الصرف الصحي كدرون/ مقطع مار سابا – هورقانيا” ورقم ” 1/4/2019″ كما هو موضح في الخارطة المرفقة. وذلك ضمن الحملة لشركة جيحون ومكتب التنسيق والارتباط لضواحي القدس/ أريحا. ومن الواضح ان قرار تغير المسار الطبيعي لخط واد النار للمياه العادمة يأتي ضمن القرارات المتعلقة بسيطرة الاحتلال على الموارد الطبيعة الفلسطينية من خلال استغلال المياه العادمة ومعالجتها لاستخدامها للأغراض الزراعية.

فمنذ احتلال الضفة الغربية عام 1967، عملت إسرائيل على إهمال المشاريع التطويرية لقطاع الصرف الصحي في الأراضي الفلسطينية بشكل ممنهج. فبالرغم من أن السلطة الفلسطينية قامت بوضع مخططات واستراتيجيات خاصة بالمياه العادمة ومعالجتها إلا أنها اصطدمت بالرفض الإسرائيلي، حيث عمدت إسرائيل على تعليق وإعاقة تنفيذ المشاريع المتعلقة بالمياه والصرف الصحي في الأراضي الفلسطينية. كما هو الحال فيما يتعلق بالمياه العادمة المتدفقة في وادي النار، حيث تعتبر المنطقة من المواقع التي تعاني من مشاكل بيئية وصحية وتدهور للأراضي الزراعية المحيطة عدا عن مخاطر تلوث المياه الجوفية نتيجة تدفق المياه العادمة من بعض تجمعات محافظة بيت لحم بالإضافة إلى بعض التجمعات الفلسطينية والمستوطنات غير الشرعية المقامة على أراضي محافظة القدس دون الأخذ بعين الاعتبار الأضرار البيئية والصحية الناجمة عن ذلك. حيث تنساب المياه المتدفقة والتي تقدر بحوالي 35 الف كوب يوميا عبر وادي النار لتجتاز الأراضي الزراعية المجاورة ويستمر سيل المياه العادمة باتجاه أراضي قرية بلدة العبيدية والسواحرة الشرقية ليصل إلى شواطئ البحر الميت.

لقد تم طرح مشروع إنشاء محطة مركزية لمعالجة المياه في منطقة العبيدية من قبل الفلسطينيين لحل مشكلة التلوث البيئي وإعادة استخدام المياه المعالجة في مجال الزراعة. ويعتبر هذا المشروع مشروعا استراتيجيا كونه احد اهم الحلول التي ستعمل على تحسين كمية المياه للزراعة من اجل تعزيز صمود المزارعين في أراضيهم. غير أن العراقيل والشروط التي وضعها الجانب الإسرائيلي حالت دون نجاح المشروع، وبالتالي حرمان الفلسطينيين من حقوقهم في إدارة مواردهم الطبيعية والاستفادة منها من الناحية البيئية والاقتصادية. هذا وتشترط إسرائيل للموافقة وإعطاء التراخيص اللازمة لإقامة المشاريع التطويرية في منطقة “ج” أن تكون هذه المشاريع مشتركة مع المستوطنات لمعالجة المياه العادمة. ويتمثل الطرح الإسرائيلي في بناء محطة لتنقية المياه العادمة في منطقة النبي موسى وتحت إدارتهم، وبالتالي تم رفض هذا الطرح من قبل الجانب الفلسطيني لأن ذلك يعتبر محاولة لشرعنة وجود المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية وخاصة في منطقة القدس الشرقية.

من الواضح أن الاستراتيجية الإسرائيلية بهذا الشأن هي أن تحكم سيطرتها على كافة الموارد المائية الفلسطينية، فإسرائيل تقوم حاليا باستغلال المياه العادمة ومعالجتها لاستخدامها للأغراض الزراعية محملة الجانب الفلسطيني تكاليف المعالجة في حين لا يستفيد الجانب الفلسطيني من أي كمية من هذه المياه المعالجة والتي تعتبر مصدرا مائيا هاما. ويبدو ذلك جليا من خلال مطالبة إسرائيل للسلطة الفلسطينية بدفع 1.2- 2.0 شيكل/ متر مكعب مقابل معالجة كل كوب من المياه العادمة، ففي الفترة الواقعة بين عامين 2017 و2018 تم اقتطاع ما يقارب 115 مليون شيكل و102 مليون شيكل على التوالي من أموال السلطة الفلسطينية التي تجنيها الحكومة الإسرائيلية مقابل معالجة المياه العادمة المتدفقة من الأراضي الفلسطينية باتجاه الخط الأخضر في محطات داخل إسرائيل. ويأتي ذلك بحسب ادعاءاتهم ان تلك المياه العادمة المتدفقة تتسبب بأضرار بيئية. وتجدر الإشارة إلى ان ما تقوم به إسرائيل هو من جانب واحد ويتعارض مع الاتفاقيات الموقعة بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني بالإضافة إلى انه لم يتم عرضه على السلطة الفلسطينية من خلال اللجنة المشتركة التي استأنفت عملها في عام 2017 بعد توقف دام اكثر من سبع سنوات.

على ضوء ما تقدم يجب على الجميع بما فيهم المجتمع الدولي والدول المانحة الإصرار والضغط على إسرائيل لمنح الفلسطينيين الحرية الكاملة لإدارة مواردهم الطبيعية وتطبيق الإدارة السليمة بيئيا للمياه العادمة والتي تتضمن إنشاء وحدات معالجة للمياه العادمة في المناطق المناسبة لذلك. مع التأكيد على ضمان حق الفلسطينيين بالتعويض عما تسبب به الاحتلال الإسرائيلي من أضرار وجرائم بحق البيئة الفلسطينية.

الاوامر العسكرية:

{pdf=https://www.arij.org/files/arijadmin/2019/order_waste.pdf|800|600}