أمر عسكري إسرائيلي يستهدف أراضي قرية زبوبا الفلسطينية لأغراض أمنية مستعجلة
في خطوة جديدة تُضاف إلى سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة، سلمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتاريخ الرابع عشر من حزيران 2025 أهالي قرية زبوبا الواقعة غرب مدينة جنين أمرًا عسكريًا يقضي بـ مصادرة 2.5 دونما من أراضيهم الزراعية، بحجة “أغراض أمنية مستعجلة”. ويستهدف الامر العسكري الاحواض 3 و 6 و 7 و 8 على التوالي في قرية زبوبا في المنطقة التي تحاذي مسار جدار العزل العنصري في القرية. وجاء في الامر العسكري ما يلي:”
القرار الإسرائيلي الذي فُرض على أهالي القرية دون سابق إنذار، ينص على تقطيع عشرات أشجار الزيتون المعمّرة في الأراضي المصادرة (البالغة مساحتها 2.5 دونما)، وإعلان المنطقة “منطقة عسكرية مغلقة” لأغراض أمنية مستعجلة، ما يعني فعليًا منع أصحاب الأراضي من دخولها والعمل فيها، وبالتالي حرمانهم من مصدر رزقهم المباشر. ووفقًا للأمر العسكري الذي تلقاه أصحاب الأرض المستهدفة، فإن القرار العسكري يبدأ سريانه من الرابع عشر من شهر حزيران 2025، ويمنح الجيش الإسرائيلي الصلاحية لتنفيذ الإجراءات في أي وقت، بحجة “الضرورات الأمنية”. وتقع الاحواض المستهدفة بالقرار في موقع استراتيجي في القرية وهو ما يثير مخاوف أهالي القرية من تحويل القطع المستهدفة في الامر العسكري لاحقًا إلى نقاط مراقبة عسكرية دائمة وخاصة انها تقع بمحاذاة جدار الفصل العنصري الإسرائيلي وأن تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي في المستقبل من منع أهالي القرية الى الوصول الى الجبل بأكمله وخاصة ان الجبل مزروع بمئات أشجار الزيتون المثمرة والتي هي مصدر رزق للعديد من العائلات الفلسطينية في المنطقة. والجدير بالذكر أن الأراضي المستهدفة تقع في المنطقة التي لا زالت تخضع لتصنيف “ج” بحسب “اتفاقية أوسلو الثانية المؤقتة ” للعام 1995 والتي بحسب الاتفاقية تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة.
القرية في عين الاحتلال الاسرائيلي
تُعد قرية زبوبا من القرى الفلسطينية التي تتعرض لانتهاكات متكررة منذ سنوات، بسبب قربها من الجدار الفاصل الذي بدأ تشييده في شهر حزيران من العام 2002 على طول الحدود مع الضفة الغربية المحتلة, او على الأقل بحسب ما ادعته سلطات الاحتلال الإسرائيلي, اذ لاحقا وبحسب الخرائط الإسرائيلية الصادرة, فقد اخترق مسار جدار العزل العنصري الإسرائيلي قلب الضفة الغربية المحتلة ليضم اكبر عدد ممكن من المستوطنات الإسرائيلية والبؤر الاستيطانية والمصادر الطبيعية ومساحات شاسعة في الضفة الغربية (13% من المساحة الكلية للضفة الغربية المحتلة) في خطوة ممنهجة لإعادة ترسيم حدود الضفة الغربية وتكريس الفصل العنصري.
وكانت بداية اعمال التجريف الإسرائيلية من شمال الضفة الغربية المحتلة، من قرية زبوبا الفلسطينية ونزولا الى نقطة تفتيش سالم التي أقامها جيش الاحتلال الإسرائيلي آنذاك (معسكر سالم اليوم) حيث قامت جرافات الاحتلال بتمهيد الأرض لبناء المقطع الأول من جدار الفصل العنصري (على هيئة سياج في قرية زبوبا) حيث تم إغلاق ووضع اليد على آلاف الدونمات من أراضي المواطنين شمال الضفة الغربية آنذاك لتنفيذ الخطة الإسرائيلية العنصرية.
عن قرية زبوبا
تبلغ مساحة قرية زبوبا الفلسطينية 2630 دونما. و بالرجوع الى اتفاقية أوسلو المؤقتة للعام 1995 , تم تقسيم أراضي قرية زبوبا الى مناطق (ب) و (ج), حيث تم تصنيف ما مساحته 1676 دونما (65% من مساحة القرية) من اراضي القرية كمناطق (ب), حيث تتمتع السلطة الوطنية الفلسطينية بالسيطرة الكاملة على الشؤون المدنية وتسيطر دولة الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الأمنية الكاملة للمنطقة, بينما تم تصنيف 954 دونما من أراضي القرية (35% من المساحة الكلية للقرية) كمنطقة ج وهي المنطقة التي تقع تحت السيطرة الكاملة للحكومة الإسرائيلية حيث يمنع البناء الفلسطيني فيها أو الاستفادة منها بأي شكل من الاشكال الا بتصريح صادر عن الادارة المدنية الاسرائيلية. وتشمل مناطق ج الأراضي الزراعية والمناطق المفتوحة ومساحات صغيرة من المناطق العمرانية.
في الختام
تستخدم سلطات الاحتلال ذريعة “الأمن” بشكل متكرر لفرض أوامر عسكرية على الأراضي الفلسطينية، رغم أن القانون الدولي يُحرّم الاستيلاء على الأراضي الواقعة تحت الاحتلال لأغراض لا تتعلق بالحاجة العسكرية المباشرة والمؤقتة. فوفقًا للمادة (52) من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949، لا يجوز لدولة الاحتلال أن تصادر الممتلكات الخاصة أو العامة إلا إذا كانت تلك المصادرة ضرورية لأغراض العمليات العسكرية الفورية والمؤقتة، وهو ما لا ينطبق على حالات المصادرة الدائمة أو لأهداف استيطانية. كما أن الذرائع الأمنية الإسرائيلية تُستخدم لتبرير توسيع المستوطنات الإسرائيلية القائمة أو إقامة الجديد منها أو تشييد بؤر استيطانية جديدة أو بناء جدار الفصل العنصري، وهي ممارسات اعتبرتها محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري عام 2004 مخالفة للقانون الدولي، خاصة وأنها تؤدي إلى تغيير في الطابع الجغرافي والديموغرافي للأراضي المحتلة. إن استخدام دولة الاحتلال الإسرائيلي للأوامر العسكرية يُعدّ سياسة ممنهجة للسيطرة على الأراضي وفرض وقائع جديدة على الأرض الفلسطينية، في انتهاك واضح لأحكام ميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما المادة (2) التي تحظر استخدام القوة أو التهديد بها للاستيلاء على أراضي الغير، وكذلك انتهاك لحق السكان الواقعين تحت الاحتلال في التمتع بالحماية القانونية والعيش بكرامة على أراضيهم.