تسوية الأراضي هي أحدى اهم حيل إسرائيل لتهويد القدس الشرقية، وقد كان القضاء الإسرائيلي قد أصدر إعلاناً عن بدء “تسوية أراضٍ” بمسميات وأرقام جديدة للأحواض في احياء مختلفة في القدس الشرقية، منها في: حي الثوري (أبو طور)، في المنطقة الواقعة جنوبي المسجد الأقصى وروجت لتسويات أخرى في التلة الفرنسية لصالح مستوطنة راموت، في مستوطنة جبل أبو غنيم (هار حوماه) وعلى أراض صور باهر وام طوبا، وفي مستوطنة رمات شلومو على أراض شعفاط، والمنطقة المستهدفة في قلنديا (منطقة المطار والمنطقة الصناعية) لصالح مستوطنة عطاروت ومؤخرا في بعض الأحياء الفلسطينية بالقدس الشرقية،: بيت صفافا وشرفات لصالح مستوطنتي جيلو جفعات هامتوس، والعيساوية والطور، بيت حنينا، صور باهر والشيخ جراح. هذا وتستهدف إسرائيل ما يزيد عن6900 دونم بشكل مبدئي لتنفيذ اجندتها الرامية الى اطباق سيطرتها وفرض سيادتها على القدس.

كانت قضية إدارة الأراضي وما زالت من أكثر المواضيع تعقيدًا التي كان على الفلسطينيين التعامل معها في الأراضي المحتلة. غالبًا ما تسبب النقص في البيانات الرسمية المتعلقة باستخدام الأراضي وتسجيلها في حدوث ارتباك، خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي أوقف جميع الإجراءات المتعلقة بتسجيل الأراضي والميراث منذ اختلاله الأرض في العام 1967. والجدير بالذكر هنا بان السياق التاريخي لتسجيل الأراضي في فلسطين قد حدث وتم إدراجه بتصنيفات مختلفة حسب الإدارات المتعاقبة التي مرت على الأرض.

خلال فترة الحقبة العثمانية في فلسطين، بدأت عملية تسجيل الأراضي المعروفة باسم “الطابو” في عام 1858 لتثبيت حقوق ملكية الأراضي لأصحابها.

وخلال سنوات الانتداب البريطاني على فلسطين (1920-1948)، دخل مرسوم تسوية الأراضي حيز التنفيذ في عام 1928 لتأكيد حقوق ملكية الأرض لأصحابها. ورغم ذلك، فشل كل من العثمانيين والبريطانيين في مساعيهم، حيث رفض المجتمع الزراعي للفلاحين والذين شكلوا غالبية مالكي الأراضي طريقة التسجيل البريطانية والتي أطاحت بالنظام التقليدي “الملكية الجماعية” للأراضي، وأيضا بسبب الضرائب المرتفعة التي فرضها العثمانيون على الأراضي المزروعة المسجلة. وخلال فترة الإدارة الأردنية منذ العام 1948 والتي استمرت حتى عام 1967، تم تسجيل أقل من 30٪ من اراضي الضفة الغربية. هذا وقد تم استكمال مسح إضافي للأراضي، بما في ذلك في القدس الشرقية ولكن لم يتم تسجيله رسميًا بسبب الحرب عام 1967.

مع احتلال إسرائيل للضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية) في عام 1967، لم تعترف دولة الاحتلال الاسرائيلي بنظام الملكية التقليدي “الجماعي” القائم في المجتمعات المحلية والذي كان موجودًا على الأرض، لا سيما في المناطق الريفية الجنوبية للضفة الغربية.

علاوة على ذلك، استخدمت إسرائيل سياسات وقوانين وأنظمة لتمكين هيمنتها على الأراضي الفلسطينية المملوكة ملكية خاصة، والتي كانت خطوة أولى نحو إصدار الأمر العسكري الإسرائيلي لعام 1967 بوقف أي شكل من أشكال تسجيل الأراضي في الأراضي الفلسطينية المحتلة. بما في ذلك القدس الشرقية، بحجة “حماية حقوق” ملكية الغائبين.

2017، نقطة تحول مفصلية،

بعد اعتراف إدارة ترامب بالقدس كعاصمة “موحدة” لإسرائيل واتخاذ الخطوة الإسرائيلية التي طال انتظارها لفتح السفارة الأمريكية في القدس، بدأت بلدية الاحتلال الإسرائيلي في القدس خطة “تسوية الحقوق العقارية” في القدس. الهدف الغير معلن لخطة التسوية الاسرائيلية هو حرمان الفلسطينيين في الشتات أو حتى في الضفة الغربية من حقهم في ميراث ممتلكاتهم في القدس المحتلة، مما يمهد الطريق للاحتلال للاستيلاء على تلك الممتلكات بحجة انه لم يتم توثيق ملكيتهم بشكل صحيح حسب الاجراءات، وبالتالي، يكون إعادة تفعيل قانون أملاك الغائبين مستوجبا للاستيلاء “رسميًا” على ممتلكات الفلسطينيين.

في كل الاحوال، في حالة وجود تسوية (مفروضة على الفلسطينيين) بين الأطراف “المتنازعة”، فمن المرجح أن يخضع الفلسطينيون المقدسيون لقانون إسرائيلي يفرض عليهم دفع الضرائب الباهظة بأثر رجعي من أجل تسجيل ممتلكاتهم العقارية فقط وليس الأرض القائمة عليها.

وبناء على ما تقدم، حدث في 19 آذار / مارس 2018، أعلن وزير العدل الإسرائيلي في حينها، أييليت شاكيد، عزمها الشروع في إجراءات تسوية حقوق العقارات وشراء الأراضي في مواقع مختلفة في مدينة القدس الشرقية المحتلة، بهدف تعزيز ما سيادة اسرائيل على القدس وإجبار الفلسطينيين في المدينة على دفع ضرائب.

هذا وقد تم رصد مبلغ 100 مليون شيكل ميزانية للسنوات الخمس التالية لفحص حوالي 17000 عملية شراء للأراضي ومعاملات عقارية يدعي الصندوق القومي اليهودي (كيرن كيمييت) استحواذه عليها بالشراء قبل نكبة العام 1948. وتسعى في ادعاءاتها في الاعتماد على القانون التمييزي لعام 1970 (القانوني والإداري) والذي يمكّن اليهود فقط وبشكل حصري من المطالبة بالممتلكات التي فقدوها في القدس الشرقية قبل عام 1948، مع حرمان الفلسطينيين من نفس الحق في القيام بذلك. من الواضح أن الصندوق القومي اليهودي فإن القانون سيستكمل إجراءات التسجيل لـ 88٪ من المعاملات التي لم يتم إتمام إجراءاتها في ذلك الوقت. وتحقيقا لهذه الغاية، أقرت حكومة الاحتلال في أيار 2018 رصد ميزانية بخمسمائة وستين مليون دولار لتعزيز سيطرة إسرائيل وسيادتها على القدس المحتلة للسنوات الخمس المقبلة. بما في ذلك مخصصات الميزانية لتغطية المصاريف الإجرائية لتسوية الحقوق العقارية.

هذا وتستهدف مساعي الصندوق القومي اليهودي في متابعة المعاملات لتطال 530 موقعًا (360 عقارً و170 قطعة أرض) في مواقع مختلفة في القدس الشرقية بعد حرب عام 1967. وقد وافق الصندوق القومي اليهودي على مساعي أييليت شاكيد المتعلقة بتسجيل الأراضي في القدس الشرقية، لصالح اليهود في جميع أنحاء القدس حيث هناك 2050 صفقة قيد البحث، بما في ذلك عقارات واراضي، على مساحة تقارب 2500 دونم، والتي يتم إدارتها تحت وصاية خاصة منذ العام 1967. هذا بالإضافة الى تلك الأراضي التي تم اقتطاعها من منطقة الضفة الغربية، من رام الله (شمال القدس)، وبيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور في الجهة الجنوبية من القدس، التي ضمتها إسرائيل بشكل غير قانوني إلى حدود القدس الشرقية المرسومة بشكل غير قانوني ومخالف للقانون الدولي وقرارات مجلس الامن ومن جانب واحد في أعقاب حرب عام 1967.

ومن الجدير بالذكر هنا بانه الكثير من هذه الأراضي التي تم وضعها تحت الوصاية لها أصحاب حاضرين، وأن العديد من العقارات يقطنها فلسطينيين منذ عقود، منهم لفترات ما قبل احتلال 1967، على سبيل المثال الشيخ جراح. هذا وما يزال السكان الفلسطينيون يكافحون بحياتهم واموالهم للإبقاء على حقهم ووجودهم في الممتلكات والعقارات المستهدفة في المحاكم الإسرائيلية منذ عقود، حيث لا يزالون تحت تهديد مستمر بالإخلاء بناءً على طلب وإلحاح الصندوق القومي اليهودي، وهو امر بات أقرب الى الحقيقة مع وجود حكومة استيطانية بامتياز، تستهدف كل ما هو فلسطيني، بشرا وحجرا على حد سواء.

حكومة متطرفة وبيئة خصبة

وعليه فعلى الفلسطينيين المقدسيين عدم التعامل مع الإجراءات الإسرائيلية المتعلقة بتسجيل الأراضي في القدس أو في أي مكان آخر في هذا الشأن، فما تحاول إسرائيل فعله في القدس يتجاوز مجرد عملية تسجيل الأراضي، بل يهدف الى شرعنة عملية الضم القسري على الأرض، بداية من اعلان “القدس الموحدة” الى ما هو قادم، اعلان “القدس الكبرى”، وذلك بإضفاء شرعية فلسطينية من خلال الانسياق في إجراءات “التسجيل” الغير شرعية والمتجاهلة للحقوق المشروعة لأكثر من 300 ألف فلسطيني من السكان الأصليين يعيشون في المدينة.

إن ما تقوم به إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في القدس الشرقية، ما هو إلا خرق وانتهاك صارخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ويندرج تحت مسمى جريمة حرب ضد الإنسانية.

  • إسرائيل تنتهك

المادة 17/2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،

  • إسرائيل تنتهك

الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965،

  • إسرائيل تنتهك

المادة 46 من ميثاق لاهاي لعام 1907، للحفاظ على الملكية الخاصة،

  • إسرائيل تنتهك

اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 وجميع أشكال حقوق الإنسان،

  • إسرائيل تنتهك

قرارات الشرعية الدولية وقرار مجلس الأمن رقم 198 لعام 1971، القاضي بالاستيلاء العسكري على أراضي الغير أمر غير قانوني وينتهك القانون الدولي،

  • إسرائيل تنتهك

قرار مجلس الأمن رقم 2334 لسنة 2016،