يعتبر قطاع صناعة الحجر والرخام من أهم وأكبر القطاعات الصناعية في فلسطين، كما انه يلعب دوراً هاماً في دعم النمو الاقتصادي الفلسطيني. وبحسب اتحاد صناعة الحجر والرخام فان هذا القطاع يساهم بحوالي 25% من عائدات القطاع الصناعي و 4.5% من إجمالي الناتج المحلي. وتتميز هذه الصناعة عن غيرها من الصناعات باستيعابها لأكبر نسبة من القوى العاملة الفلسطينية حيث يُشَغِل أكثر من 20 ألف عامل، ويٌقدر حجم الإنتاج السنوي للحجر والرخام بحوالي 16 مليون متر مكعب وحجم المبيعات السنوي يقدر ب 400 مليون دولار.

يوجد في الأراضي الفلسطينية أكثر من 300 محجر غالبيتها تقع في محافظتي الخليل وبيت لحم، كما يوجد اكثر من 50 كسارة موزعة في مناطق مختلفة من الضِفة الغربية. وتقدر مساحة المحاجر الفلسطينية القائمة بحوالي 12775 دونم منها 4919 دونم تقع في المنطقة المسماة بمنطقة ج والتي تخضع للسيطرة الاسرائيلية وتشكل ما نسبته 39% من المساحة الكلية للمحاجر. كما وتجدر الاشارة الى وجود 9 محاجر اسرائيلية مقامة على الأراضي الفلسطينية وتبلغ مساحتها 3388 دونم، بالإضافة الى 5 محاجر اسرائيلية مغلقة تبلغ مساحتها حوالي 400 دونم.

بلدة الشيوخ في محافظة الخليل وبلدة بيت فجار في محافظة بيت لحم
يوجد حاليا في بلدة الشيوخ 72 محجر يعمل بالإضافة الى 17 محجر مغلق او انتهى العمل به، وجميعها تقع خارج المخطط الهيكلي للبلدية وتبلغ مساحتها حوالي 2541 دونم وتشكل ما نسبته 12.4% من المساحة الكلية للبلدة. بالإضافة الى ذلك يوجد 4 كسارات. أما في بلدة بيت فجار فيوجد حوالي 20 محجر يعمل بالإضافة الى 10 محاجر مغلقة، وغالبيتها تقع خارج المخطط الهيكلي للبلدية، حيث تبلغ مساحة المحاجر في البلدة حوالي 2044 دونم وتشكل ما نسبته 11.8% من المساحة الكلية للبلدة كما ويوجد في البلدة 8 كسارات.

وعلى الرغم من أهمية هذا القطاع إلا أنه يعتبر من القطاعات التي تعمل على تدمير وتشويه البيئة الفلسطينية. فان قطع وإزالة الأشجار والغابات وتدمير المناطق الرعوية ذات الغطاء النباتي الغني بهدف اقامة المحاجر ، الذي ويؤدي إلى تدهور التنوع الحيوي وتدهور نوعية التربة في المنطقة، بالإضافة الى تلويث الهواء.

كما أن وجود معظم المحاجر بالقرب من المناطق السكنية وافتقادها لإجراءات السلامة العامة يشكل خطراً محدقاً على صحة الإنسان الفلسطيني والحياة البرية: فالغبار الناتج عن العمل في المحاجر والكسارات أو نتيجة حركة الآليات والشاحنات على الطرق الترابية يعتبر من الملوثات الرئيسية التي تعمل على تلويث الهواء وعلى التربة من خلال إغلاق مساماتها وتقلل خصوبتها . وعلاوة على ذلك فان الضجيج الناتج والحفر العميقة التي يتم تركها بعد الانتهاء من العمل، والتخلص من المخلفات بشكل عشوائي يؤثر وبشكل كبير على العاملين والسكان المجاورين ويؤدي الى تدمير وتدهور الأراضي الزراعية في تلك المناطق. فقد تبين خلال تحليل الخرائط الجوية لمنطقة الشيوخ وبيت فجار خلال العقدين الأخيرين ان هناك تدهور في الأراضي وخصوصا الأراضي الزراعية القريبة من المحاجر. حيث اشارت نتائج التحليل ان ما نسبته 17 % و 19.6 % من المساحة الكلية للأراضي الزراعية في بلدة الشيوخ وبلدة بيت فجار على التوالي قد تدهورت بشكل كامل. كما ان المسح الميداني الذي استهدف المواطنين في تلك المنطقة اظهر ان 83 % من المواطنين الذين لديهم أراضي زراعية تقع بالقرب من موقع المحاجر والكسارات، لم يعودوا قادرين على الوصول الى أراضيهم و/أو قاموا بهجرها لأنها لم تعد صالحة للزراعة وذلك بسبب تدهور هذه الاراضي وتدهور نوعية التربة وجودتها الامر الذي اثر بشكل سلبي على نوعية وكمية المحصول المنتج.

ومن ناحية اخرى يعاني أصحاب المحاجر في بلدتي بيت فجار والشيوخ من الممارسات التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي من خلال مصادرة المعدات والآليات في المحاجر التي تقع في منطقة ج والتي تخضع للسيطرة الاسرائيلية، حيث تشكل هذه المحاجر ما نسبته 41% من المساحة الكلية للأراضي التابعة للمحاجر. ويحتاج صاحب المحجر الى وقت طويل لاسترجاع هذه المعدات يصل احيانا لأكثر من سنة بالإضافة الى مبالغ طائلة تصل الى اكثر من 100 ألف شيكل.

ومن أهم الحلول المقترحة للتخفيف من الآثار البيئية الناتجة عن عمل المحاجر والكسارات هي:
1. العمل على تحديد الصلاحيات وتوزيع المسؤوليات بين الجهات المختصة والشريكة في إدارة قطاع المحاجر والكسارات بطريقة أكثر وضوحا، وتفعيل دور التنسيق والشراكة ما بينها للوصول الى التكامل وعدم الازدواجية في الصلاحيات
2. ضرورة أن يتم تصنيف للمناطق واعتماد مناطق للتحجير ضمن المخطط المكاني الوطني الجديد وذلك لتنظم عملية التحجير مع الاخذ بعين الاعتبار بعدها عن المناطق السكنية واثرها على البيئة المحيطة
3. أهمية العمل على وضع مواصفة من قبل مؤسسة المواصفات والمقاييس الفلسطينية لتحديد الانبعاث ومستوى التلوث الهوائي الناتج عن أعمال التحجير
4. أهمية تنظيم قطاع صناعة الحجر والمحاجر بالإضافة الى ايجاد آلية عمل وبالتنسيق بين الهيئات المحلية والجهات الحكومية لتصويب الوضع القانوني لمحاجر والكسارات
5. العمل على تطوير البنية التحتية وانشاء احزمة خضراء من خلال المشاريع وتعبيد الطرق المؤدية إلى موقع المحاجر وحتى الطرق داخل البلدات وذلك من اجل تخفيف من الأثار الناتجة من الكسارات وخصوصا تلك القريبة من المناطق السكنية
6. عدم منح أصحاب المحاجر أي خدمات من قبل الهيئة المحلية الا بعد التأكد من تصويب أوضاعهم القانونية حيث ان بعض هذه الكسارات غير مرخصة ولا تتبع الاجراءات السليمة بيئيا للتخفيف من الأثر
7. فرض آلية لإلزام أصحاب المحاجر بإعادة تأهيل موقع المحجر بعد الانتهاء من العمل به
8. تفعيل الرقابة البيئية على المحاجر من قبل سلطة جودة البيئة بالإضافة الى رقابة من قبل الوزارات الأخرى مثل وزارة الاقتصاد لتطبيق القوانين الخاصة بإعطاء الرخص
تم اعداد هذه المقالة من قبل وحدة ابحاث المياه والبيئة وذلك ضمن نشاطات مشروع " بناء القدرات في مجال الحوكمة البيئية، حالة دراسية: قطاع المحاجر في محافظتي الخليل وبيت لحم" والذي يقوم معهد الأبحاث التطبيقية – القدس (أريج) بتنفيذ وذلك من خلال مشروع دعم الحوكمة البيئية – بناء قدرات المنظمات غير الحكومية والممول من الاتحاد الأوروبي، والذي يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) بتنفيذه، ويمنح ضمن برنامج المنح الصغيرة / التابع لمرفق البيئة العالمية.