يأتي انعقاد مؤتمر الأطراف بشأن المناخ لاتفاقية الأمم المتحدة الــ 28 في دبي (COP28) متزامنا مع العدوان الاسرائيلي الممنهج على قطاع غزة المحاصر، والذي تواجه فيه وفود من قرابة 200 دولة ضغوطا لتسريع الجهود للحد من الاحتباس المناخي العالمي. ويأتي عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة والذي دخل أسبوعه الثامن (61 يوما على التوالي)، ليلقي بظلاله على المؤتمر، حيث طغى استئناف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عقب هدنة دامت 7 أيام، على المداولات بشأن التغير المناخي. فكثيراً ما تؤدي الصراعات بين الدول إلى عسكرة الموارد الطبيعية، الامر الذي يقوض قدرة المجتمعات على تحمل التأثيرات المرتبطة بالمناخ نتيجة هذه الصراعات، ومثال على ذلك ما يحدث في دولة فلسطين المحتلة منذ عقود من الزمن (منذ العام 1967).

ويشكل قطاع غزة المحاصر رمزا للظلم المناخي ومثالا صارخا على التقاء العدوان بالمناخ. فالعدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة ما هو الا مثال على أن الصراعات الدائرة تعرقل الجهود الإقليمية والعالمية الرامية إلى معالجة تغير المناخ، حيث يواجه قطاع غزة، الذي يقطنه ما يزيد عن مليوني شخص[1]، تهديدات مناخية عاجلة تتفاقم بسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة عليه وعدم الاستقرار السياسي وهي الآن تحمل ندوب الدمار البيئي بسبب العدوان الإسرائيلي الغاشم والحصار المستمر منذ أكثر من 16 عاما.

تؤكد الحرب المستمرة على قطاع غزة الترابط بين العمل المناخي والسلام في الشرق الأوسط، فالتقدم في مجال واحد يعزز الآخر. كما يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم التهديدات في المناطق الهشة، ومع ذلك فإن استراتيجيات الحد من الانبعاثات وتعزيز التكيف يمكن أن تعزز الاستقرار من خلال تخفيف الضغط على الموارد.

قطاع غزة، جغرافيا وسكان

يقع قطاع غزة على شاطئ البحر المتوسط في مساحة لا تتجاوز 365 كيلومترا مربعا [3]، وتمتد على طول 41 كيلومترًا ويتراوح عرضها بين 5 و15 كيلومترا. يعيش في قطاع غزة، أكثر من 2.23 مليون نسمة، مما يجعله من بين أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم، حيث تبلغ في المخيمات الفلسطينية حوالي 26 ألف نسمة/كم مربع، لترتفع الى حوالي 55 ألف نسمة تقريبًا في الكيلومتر المربع الواحد. ويبلغ معدل النمو في قطاع غزة 2.8% والذي يعتبر من أعلى معدلات النمو في العالم. وبحسب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) بلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في قطاع غزة 1.47 مليون الذين يشكلون ما نسبته 25 % من العدد الإجمالي لللاجئين البالغ نحو6.4 مليون نسمة[19] .

خريطة 1: قطاع غزة والمدن الرئيسية.

ويتعرض المواطنون الفلسطينيون لانتهاكات مستمرة وممنهجة لحقوقهم الأساسية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وبخاصة سكان قطاع غزة حيث تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بسلب حقوق المواطن الفلسطيني المدنية بحسب ما أقرت له من خلال المواثيق والأعراف الدولية، إذ تفرض العديد من القيود والعقبات التي تحول دون توفير احتياجاته الاساسية وسبل العيش الكريم له.

وقد شهد قطاع غزة على مدى أعوام الاحتلال الإسرائيلي العديد من الهجمات الإسرائيلية التي أسفرت عن وقوع خسائر كبيرة بين المدنيين الفلسطينيين وتدمير للبنية التحتية بمختلف أشكالها والسيطرة على المصادر الطبيعية وإلحاق الاضرار بالبيئة الفلسطينية. وبسبب الهجمات الإسرائيلية المتتالية، أصبح قطاع غزة المحاصر يواجه تحديات إنسانية وصحية وبيئية خطيرة، بما في ذلك الوصول المحدود إلى المياه النظيفة وتفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي في القطاع بفعل تقليص دولة الاحتلال الإسرائيلي كميات الوقود اللازمة لتشغيل محطة التوليد الوحيدة في القطاع هذا بالإضافة الى ارتفاع معدلات البطالة والمشاكل المتعلقة بمعالجة مياه الصرف الصحي وضعف المنظومة الصحية التي يواجها القطاع في ظل الهجمات والاعتداءات المتكررة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. فيما يلي أهم ما تتناوله الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين والبيئة المحيطة

1.    الأسلحة المستخدمة وتأثيرها على الانسان الفلسطيني وبيئته

منذ بداية العدوان على قطاع غزة في السابع من شهر تشرين الأول من العام 2023 قام الاحتلال الإسرائيلي باستخدام الكثير من الأسلحة خلال حربه على قطاع غزة، حيث تم القاء ما يزيد عن 45 ألف قنبلة على القطاع خلال الأسابيع الأولى من العدوان والتي فاقت في قوتها الثلاثة القنابل النووية التي ألقيت على هيروشيما في العام 1945 وذلك بالمقارنة بين مساحة قطاع غزة ومساحة هيروشيما (رسم توضيحي رقم 1). [5]

رسم توضيحي رقم 1: مقارنة بين مساحة قطاع غزة وهيروشيما

ومن بين الأسلحة التي تم استخدامها من قبل الاحتلال الإسرائيلي في مناطق جنوب لبنان والمناطق المكتظة بالسكان داخل قطاع غزة، قنابل الفسفور الأبيض والتي هي من الأسلحة المحرمة دوليا [12]. حيث تتسبب هذه القنابل بحروق شديدة وتعتبر اثارها طويلة الأمد. وتجدر الإشارة، الى انها ليست المرة الأولى التي قامت فيها دولة الاحتلال الإسرائيلي باستخدام القنابل الفسفورية حيث استخدمتها في عدوانها على القطاع في العام 2008.  وتتجاوز آثار القنابل الفسفورية على الانسان لتمتد الى البيئة أيضا من خلال:

  • تلوث وتدهور جودة الهواء نتيجة انبعاث حرارة شديدة عند الاحتراق والتي تصل الى أكثر من 850 درجة مئوية، بالإضافة الى انبعاث ثاني أكسيد الكبريت وأكسيد الفوسفور، والتي توثر بشكل مباشر على صحة الانسان وينتج عنه المزيد من الامراض القلبية والصدرية، حسب منظمة الصحة العالمية[18].
  • تلوث المياه نتيجة سقوط وذوبان الفسفور المحترق في المياه.
  • تلوث وتدهور نوعية التربة مما يجعلها غير صالحة للزراعة نتيجة الحمض الفسفوري الذي يتكون نتيجة لتفاعل الفسفور مع المياه في التربة.
  • تلف النباتات وتدهور نموها وإنتاجها بسبب زيادة نسبة الفسفور في التربة.
  • تدمير الأراضي الزراعية وتقليل إنتاجيتها.

2.    الوصول الآمن والمستدام إلى مصادر المياه خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة

عند الحديث عن واقع المياه في قطاع غزة المحاصر خلال العدوان الإسرائيلي، لا بد لنا في البداية أن نسلط الضوء على ان حرمان الفلسطينيين من المياه ليس وليد الحرب والقصف فقط بل هو امتداد للانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين الطبيعي في الحصول على المياه. فإسرائيل منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية في العام 1967، عملت على إحكام وتوسيع سيطرتها على المصادر المائية من خلال فرض قيود على استخدام المياه من قبل الفلسطينيين وحرمانهم من حقهم الشرعي فيها.  وتجدر الإشارة الى ان أزمة المياه في قطاع غزة، لا تتمثل في كمية الموارد المتوفرة فقط، وإنما في الإجراءات والقيود الأمنية والعسكرية التي تفرضها دولة الاحتلال الإسرائيلي والتي تشكل عائقا حقيقيا أمام قدرة الفلسطينيين على إدارة واستخدام مصادرهم المائية.

فالحصار المفروض على القطاع منذ العام 2007 ومنع دخول الوقود “مع أنه سمح بإدخال كميات قليلة لا تكفي” والأدوات لتشغيل وصيانة البنية التحتية لقطاع المياه، أدت الى أن ما نسبته (97.6%) من إجمالي المياه المتوفرة لسكان قطاع غزة من الخزان الجوفي ” يمتد الخزان الجوفي في قطاع غزة على كامل القطاع طولاً وعرضاً، ولكنه يتغير بشكل ملحوظ من حيث العمق والسمك والنوعية، ويبلغ أقصى سمك له 160 متراً في المناطق الشمالية الفرعية من القطاع، ويقل هذا السمك كلما اتجهنا شرقاً ليصل إلى 70 متراً في المناطق الجنوبية ويصل الجزء المشبع بالمياه إلى أقصى سمك بالقرب من الشريط الساحلي إلى حوالي 100متر، أما في المنطقة الجنوبية الشرقية فيصل سمك الخزان إلى 10أمتار [14].” لا تتطابق مع معايير منظمة الصحة العالمية، وأنّ (8) آبار جوفية فقط صالحة للشرب بكمية انتاج تقدّر بـ(2.285.493) متر مكعب. أي أن 5% فقط من المياه الجوفية المستخرجة صالحة للشرب. كما أدى استنزاف مياه الخزان الجوفي الساحلي إلى تدفق مياه البحر إلى أجزاء كبيرة منه بالإضافة الى تسرّب المياه العادمة من شبكة الصرف الصحي إلى الخزان الجوفي الساحلي بسبب نقص البنى التحتية.  ونتيجة لذلك ازدادت معدلات الملوحة في مياه هذا الخزان، وبلغت حدوداً غير مقبولة لنسب الكلوريد والنترات. حيث تزيد عن تركيز (250) ملجم/ لتر الذي أقرته منظمة الصحة العالمية لنسب الكلوريد في المياه، حيث يتراوح معدل تركيزه في خزان القطاع بين (200- 1000) ملجم/ لتر من الكلوريد، ومن المتوقع زيادتها مع استمرار نضوب مياه الخزان الجوفي. اما نسب النترات فتراوحت ما بين (100 إلى 200 ملجم/ لتر) خلال العام 2020م، وهي تركيزات عالية جاءت بفعل تسرّب المياه العادمة من شبكة الصرف الصحي إلى الخزان الجوفي. وبذلك تكون هذه التركيزات تجاوزت الحد المسموح به وفق منظمة الصحة العالمية والمقدّر بـ(50 ملجم/ لتر[15].

خريطة 2: تركيز الكلوريد والنترات في الخزان الجوفي الساحلي

ونتيجة لسياسة دولة الاحتلال الإسرائيلي المائية اتسعت الفجوة بين كمية المياه المتاحة للاستخدام وحجم الطلب المتزايد على المياه نتيجة لزيادة التعداد السكاني والتطور الحضري في كافة مناطق قطاع غزة المحاصر. فخلال الأعوام الماضية، الفترة ما قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع (7 تشرين أول 2023)، بلغت كمية المياه المزودة للفلسطينيين في قطاع غزة 108 مليون متر مكعب. في حين تقدر كمية المياه المطلوبة بحوالي 117.1 مليون متر مكعب وذلك استنادا إلى الحد الأدنى الموصى به عالميا (100) لتر في اليوم للفرد الواحد، وهذا يعني ان العجز الفعلي في كمية المياه المزودة للاستخدام المنزلي زاد عن 3.8 مليون متر مكعب. اما عند الحديث عن نصيب الفرد الفلسطيني من المياه الذي لا يتعدى 80 لتر في اليوم، وفي بعض التجمعات قد تصـل حصـة الفـرد فيهـا الـى 50 لتـراً وحتـى الـى مـا دون 15 لتـراً فـي اليـوم، فهو لا يلبي الاحتياجات الأساسية اليومية للفرد في القطاع، حيث تصل نسبة العجز الى 12% -67% مقارنة مع الحد الأدنى الموصى به عالميا 100 لتر للفرد في اليوم. [4]

أما في ظل العدوان الإسرائيلي على القطاع والذي بدأ في السابع من شهر تشرين الأول 2023، فقد تفاقمت ازمة المياه بشكل كبير وأدى ذلك الى انعكاسات على جميع مقومات الحياة الصحية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية. حيث قامت اليات الحرب الإسرائيلية باستهداف المرافق المائية وتدمير البنية التحتية لقطاع المياه والصرف الصحي بشكل مباشر. ولم يقتصر التأثير على ذلك فقط، بل قامت الاليات العسكرية الاسرائيلية بقطع الكهرباء ومنع دخول الوقود، الأمر الذي أدى إلى:

  • توقف عمل محطات تحلية المياه والبالغ عددها 3،
  • توقف محطات معالجة الصرف الصحي والبالغ عددها 6،
  • تدمير ما يقارب 55 % من البنية التحتية لقطاع المياه والصرف الصحي،
  • توقف آبار المياه الرئيسة وانخفاض معدلات الضخ بعد نفاد الوقود اللازم لتشغيلها وقطع الكهرباء،
  • نقص حاد في إمدادات المياه الامنة خاصة مع توقف محطتي التحلية بشكل تام وتشغيل محطة واحدة فقط بقدرة تشغيلية قدرها 5%، فبالكاد يحصل المواطنين في قطاع غزة على مياه للشرب وبمجملها تكون غير آمنة، حيث انخفضت كمية المياه المتاحة للفرد بشكل كبير من7 لترا/اليومً إلى أقل من 3 لترات/اليومً. فالوصول المحدود إلى المياه وانعدام الظروف الأساسية للعيش، يمثل تحدياً كبيراً بدءا من تلبية احتياجات الشرب الأساسية وحتى الحفاظ على النظافة الشخصية والصحة والبيئة المحيطة. [3]

رسم توضيحي رقم 2: كمية المياه المتاحة للفرد قبل وبعد 7 تشرين أول 2023

  • تلوث بيئي لا حصر له نتيجة التوقف الكلي لجميع محطات وأنظمة معالجة مياه الصرف الصحي والبالغ عددها 6 بالإضافة الى توقف 65 مضخة، الأمر الذي أدى الى تدفق وتسرب ما يقارب 130,000 متر مكعب من مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى البحر والمياه الجوفية والتربة، والهواء، وتحول الشوارع والأزقة ومراكز الإيواء التي لجأ إليها أكثر من مليون نازح فلسطيني إلى مستنقعات ومكاره صحية وبيئية خطيرة. [3]
  • انتشار الأوبئة والأمراض بين المواطنين الفلسطينيين في القطاع جراء تدفق مياه الصرف الصحي ونقص إمدادات المياه الامنة.

3.    تراكم النفايات الصلبة والطمم الناتج عن تدمير المباني والمنشأت

ان خروج مركبات جمع النفايات الصلبة عن العمل في قطاع غزة نتيجة لنفاد الوقود وتراكم النفايات في مكبات النفايات المخصصة لذلك واستهداف طائرات الاحتلال الإسرائيلي لكل سيارة متحركة أحدث أضرارا كبيرة على خدمة جمع النفايات الصلبة في القطاع حيث انخفضت الخدمة من 98% قبل العدوان الإسرائيلي على القطاع الى 20% في ظل العدوان. وبالتالي فان الوضع الحالي ينذر بكارثة صحية بيئية بسبب تكدس النفايات وتراكمها بشكل كبير في الشوارع وفي مراكز الايواء وانبعاث الروائح الكريهة وانتشار للحشرات والقوارض التي بدورها تؤثر على جودة الهواء وتزيد من خطر انتشار الأمراض والأوبئة بين المواطنين الفلسطينيين. وبحسب احصائيات العام 2022، يخلف نحو 2.23 مليون فلسطيني في قطاع غزة ما يقارب 1800 طن من النفايات الصلبة يوميًا. [13]

رسم توضيحي 3: نسبة النفايات الصلبة المنتجة في قطاع غزة حسب النوع

كما ويواجه قطاع غزة تحديات أخرى بسبب تراكم الطمم الناتج عن تدمير الاحتلال الإسرائيلي للمباني والمنشأت خصوصا في شمال قطاع غزة والذي سيشكل مشكلة بيئية تتلخص في تلوث الهواء والأرض والتربة، وتآكل المناظر الطبيعية بسبب صعوبة التخلص من هذه الكميات من الطمم وقلة الإمكانيات والاليات وعدم توفر المساحات الملائمة للتخلص منها. بالإضافة إلى ذلك، قد تحتوي هذه المخلفات على مواد سامة أو متفجرة أو جثث متحللة مما يزيد من تعقيد عملية التخلص منها، حيث يتوجب، في مثل هذه الحالات، التعامل مع هذه المخلفات بحذر وتنفيذ إجراءات خاصة لما تحويه من مخاطر بيئية وصحية.  وبلغ حجم الطمم بشكل تقديري الناتج عن تدمير الاحتلال للمنشآت والمباني في قطاع غزة ما يزيد عن (1.8 مليون متر مكعب)[1] بسبب تدمير ما يزيد عن 100 ألف مبنى حتى اللحظة بشكل كلي او جزئي.  وتجدر الإشارة الى ان قطاع غزة ما زال يعاني من الكميات الكبيرة من حطام المباني والمنشأت التي تم تدميرها من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه في العام 2014. [9]

رسم توضيحي 4: عدد المباني التي دمرت بشكل كلي او جزئي

ان الحصار المفروض على قطاع غزة منذ العام 2007 وتقييد ومنع دخول مواد البناء أثر بشكل كبير على قطاع البناء والبنية التحتية، الامر الذي جعل من إعادة تدوير مواد البناء الخاصة بالمباني والمنشآت التي تدمرها إسرائيل خلال هجماتها المتكررة فرصة هامة لاستخدام الموارد المحلية في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها القطاع. حيث ظهرت مبادرات مختصة بتعديل قضبان الحديد، ليتم إعادة استخدامها بنسبة محدودة في إنشاء المباني والطرقات. في حين يتم تحويل الخرسانة إلى حصى صغيرة لاستخدمها في أعمال تعبيد الطرقات وصناعة الخرسانة المسلحة، وحجارة البناء [7].

ومن ناحية أخرى، ان تراكم الجثث في الشوارع ومراكز الايواء يشكل خطرًا كبيرًا على البيئة والصحة، وذلك للأسباب عدة ومنها:

  • تحتوي الجثث المتحللة على مجموعة متنوعة من البكتيريا والفيروسات التي تسبب أمراض معدية مثل: الكوليرا، الطاعون، التيفوئيد، السل، والعديد من الأمراض الجلدية.
  • تسرب المواد الكيميائية الضارة والملوثات إلى التربة والمياه، مما يسبب تلوثًا بيئيًا يمكن أن يؤثر على النظام البيئي وجودة المياه.
  • انتشار الحشرات والآفات التي تؤدي الى تفشي الأمراض وبالتالي يشكل تهديدًا إضافيًا للصحة العامة والزراعة.
  • انبعاث الروائح الكريهة والغازات الضارة التي تؤثر على جودة الهواء المحيط وتسبب مشاكل صحية للمواطنين

4.    تأثر الزراعة في ظل العدوان

تبلغ مساحة الأراضي الزراعية في قطاع غزة 117,000 دونم [3] لعام 2020/2021، وشهدت هذه المساحة تراجعًا خلال الأعوام الأخيرة؛ نتيجة لتسارع النمو السكاني والتمدد العمراني، إضافة إلى إجراءات الاحتلال الإسرائيلي في القطاع والتي تمثلت بإنشاء منطقة عازلة في شمال قطاع غزة وعلى طول الحدود الشرقية للقطاع والتي تقتطع اليوم ما نسبته 24% من مساحة القطاع الكلية [17] و 15%  [6]من المساحة الزراعية في القطاع، حيث كانت بما يقارب 170 ألف دونم[16].

رسم توضيحي 5: عدد تقريبي لدونمات الأراضي التي دمرت خلال فترات العدوان [10]

 وتتعرض الأراضي الزراعية في قطاع غزة وخاصة تلك الحدودية الى استهداف بشكلٍ متكرر من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وذلك من خلال إلقاء القذائف والصواريخ وقنابل غاز، ورش المبيدات والمواد السامة. حيث تجاوزت مساحة الأراضي الزراعية التي تضررت نتيجة إجراءات الاحتلال على مدار الأعوام الماضية حوالي 35 ألف [6] دونم.

كما قام الاحتلال الإسرائيلي باقتلاع وأحراق مئات آلاف الأشجار المثمرة، كالزيتون والحمضيات، وتدمير عشرات آلاف الدونمات الزراعية، بالإضافة إلى تدمير المنشآت الزراعية كمزارع الماشية والدواجن، ومنع كثير من المزارعين الفلسطينيين من الوصول إلى مزارعهم لاسيما في مناطق التماس (المناطق التي اخضعتها إسرائيل لاستخداماتها الأمنية والعسكرية شمال وشرق القطاع)، مما أدى تلف المحاصيل بشكل كامل. [9]

ففي العام 2021، قدرت الجهات الحكومية الخسائر الاقتصادية للقطاع الزراعي الفلسطيني بعد الحرب بمبلغ 200 مليون دولار أميركي بشكل مباشر وغير مباشر. [6] فالمزارع الفلسطيني يواجه تحديات كثيرة نتيجة العدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع والاغلاقات والإجراءات المشددة. فيما يلي اهم هذه التحديات:

  • لا يستطيع المزارع الفلسطيني تصدير المنتجات الزراعية خارج قطاع غزة المحاصر، حيث تشير بيانات وزارة الزراعة الفلسطينية -في أيلول الماضي, 2023-بإن وقف التصدير يؤثر على 60 ألف[9] أسرة فلسطينية من العاملين بالقطاع الزراعي، ويتسبب بخسائر مادية فادحة للمزارعين تقدر بأكثر من مليون شيكل يومياً.
  • خسائر ماديّة فادحة بسبب انقطاع الكهرباء والمياه والقيود المفروضة على الحركة والتنقل. حيث يعاني المزارعون من عدم قدرتهم على توفير المياه للري بشكل منتظم والوصول الى أراضيهم، بالإضافة الى انقطاع الكهرباء لساعات طويلة بشكل يومي الامر الذي يلحق أضرارا كبيرة بالحقول والمزروعات ويؤدي الى اصابة المحاصيل بالآفات والجفاف، وانخفاض كميات الإنتاج، كما ويؤثر انقطاع الكهرباء على قدرة المزارعين على التسويق وحفظ وتخزين المنتجات الزراعية.
  • ان عدم توفر الأسمدة والمبيدات، وتوفرها بأسعار باهظة وصلت الى 100%، يؤدي إلى انتشار الأوبئة والآفات التي تهدد المحاصيل وتتلف المزروعات. [9] وهذا أيضا ينعكس على صحة المواطنين.

تتجاوز هذه التحديات المزارعين الفلسطينيين في القطاع لتطال كافة شرائح المجتمع نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج وبالتالي ارتفاع على أسعار المنتجات الزراعية للمستهلك.

المراجع

  1. هل ارتكبت إسرائيل جريمة ضد المناخ في قصفها غزة؟ https://almashhad.com)/(
  2. https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%B7%D8%A7%D8%B9_%D8%BA%D8%B2%D8%A9
  3. https://www.pcbs.gov.ps/ الإحصاء الفلسطيني
  4. حرب التعطيش الإسرائيلية. ..عرض لواقع المياه بغزة قبل وبعد العدوان https://www.aljazeera.net/news/2023/11/18)/(
  5. خرائط جوية توثق حجم الدمار في غزة https://ultrapal.ultrasawt.com))
  6. سياسات لمواجهة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي للحقوق البيئية في قطاع غزة https://www.masarat.ps/ar_print.php?id=571110y5706000Y571110))
  7. إعادة تدوير مواد البناء بغزة. مهنة يفرضها الحصار والعدوان والفقر… https://www.aljazeera.net/lifestyle))
  8. https://www.bbc.com/news/world-middle-east-67565872))
  9. كيف يدمر العدوان الإسرائيلي القطاع الزراعي في غزة؟ https://www.aljazeera.net/lifestyle))
  10. الأراضي الزراعية المتضررة (https://2u.pw/NjKLLxt)
  11. (https://www.mei.edu/publications/climate-casualties-how-gaza-war-threatens-mideast-climate-action)
  12. (https://www.hrw.org/ar/news/2023/10/12/israel-white-phosphorus-used-gaza-lebanon)
  13. مجلس الخدمات المشترك لإدارة النفايات الصلبة في محافظتي غزة والشمال، 2022″النفايات الصلبة في غزة خطرٌ يحدق بالمواطنين ودخل يعيل آخرينhttps://www.maan-ctr.org/magazine/article/3492/
  14. https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=2227
  15. https://www.al-ayyam.ps/ar_page.php?id=11f55639y301291065Y11f55639نسبة الكلور في مياه آبار غزة .. مرعبة
  16. الزراعة في الضفة وقطاع غزة من 1948– 1967 https://info.wafa.ps/ar_page.aspx?id=8025
  17. معهد الأبحاث التطبيقية القدس-أريج https://2u.pw/DXZBJs3
  18. https://www.who.int/ar/news-room/fact-sheets/detail/white-phosphorus
  19. https://2u.pw/j4v6Mtaاللاجئون الفلسطينيون.. حقائق وأرقام (إطار)

[1] هذا الرقم تم احتسابه حسب مساحة المبنى وارتفاع الركام الناتج عن القصف